سبق أن تحدث الكثير من الكتاب والمدونين عن التراجع الذي نشهده في زمننا الغابر هذا ، فأفصبحنا كشيخ عجوز يتوكأ على عكاز متـآكل ، فيتدحرج ويسقط سقوطاً يفرِح الأعداء ، وذلك بعد أن كان شابا يافعاً مفتول العضلات يتباهى بشبابه وإبداعه في شتى المجالات ، يعرض هذا المشهد في فيلم سينمائي يتجادل حوله المشاهدين هل سبب سقوطه كهولته ؟ أم المرض اللعين الذي يعاني منه ويرفض استئصاله بعملية جراحية ؟ أم العكاز المتآكل الذي يتوكأ عليه ؟ أم هي العثرات التي يواجها في طريقه ؟
انظروا كيف يدير مجلس الوزراء المهيمن على مصالح الدولة "المادة 123 من الدستور" :
نما إلى علمنا أنه بعث رئيس مجلس الوزراء برسالتين إلى كل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر الشقيقتين بشأن مسألة مزدجي الجنسية وإمكانية إرسال موفد لمقابلة المسؤولين في البلدين الشقيقين لتزويده بكشف بأسماء المواطنين الذين يحملون جنسية مشتركة بين البلدين .. فلم ترد قطر على الرسالة ورحبت الشقيقة الكبرى السعودية باي موفد .
فكلف بهذه المهمة وكيل ديوان رئيس مجلس الوزراء الشيخ ثامر جابر الأحمد ، وترأس موفداً لمقابلة الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي ، وكعادة المملكة العربية السعودية التي استضافت الوفد بكرم الضيافة والسكن بأجمل القصور على أن يتفضلوا بمقابلة الوزير في الصباح بمكتبه ، فذهب الشيخ ثامر والوفد المرافق له إلى مكتب الأمير نايف في التاسعة صباحاً فقال لهم مدير مكتب الوزير استريحوا باستراحة الزوار لأن الوزير مرتبط ببعض اللقاءات والاجتماعات وسيتم استدعاءهم فور الانتهاء .. فانتظروا حتى مغيب الشمس فخرج لهم مدير المكتب وفاجأهم بأن الوزير خرج "وحياكم الله بكرة" ، ذهبوا في الصباح الباكر لليوم الثاني ليتكرر نفس المشهد ويخرج الوزير دون مقابلتهم ولا حتى السلام عليهم ، وجاءوا المساكين في اليوم الثالث ووجوههم مليئة بالإصرار المختلط بالحيرة ، فانتظروا مدة أقل من اليومين السابقين ليقابلهم الأمير نايف في عصر هذا اليوم .
استبشر الوفد بانتهاء الأمير نايف من ارتباطاته وهموا بالدخول .. فدخلوا وسلم الأمير نايف عليهم بحرارة ودعاهم للدخول بالموضوع .. وبدأ الشيخ ثامر بشرح القضية وطلب كشف بأسماء مزدوجي الجنسية بين البلدين فصعق الشيخ وأفراد وفده الكرام بقساوة رد الأمير نايف الذي قال لهم بما معناه "استحوا على وجيهكم! ألم تفهموا من كل هذه الإيحاءات؟ ثلاثة أيام ولم تصل الرسالة ؟ أولم تذكروا الملك فهد حينما قال أثناء احتلال الكويت أن إذا راحت الكويت راحت السعودية ؟ تبون أسماء مزدوجي الجنسية ؟ تبون تسحبون جناسيهم ؟ عندي اسمين واحد من عيال عمك (من الأسرة) فلان الفلاني والآخر البابطين .. إذا فيكم خير اسحبوا جناسيهم مو تحطون حيلكم في الفقارة المساكين" انتهى .
هكذا انتهت المقابلة ، ورجعوا إلينا بخيبة أمل و "دقرة مو طبيعية" بوجه الحبيب الشيخ ثامر الجابر الذي لا نلومه على تنفيذ ما كلف به ، ولكن نلوم المهيمن على مصالح الدولة .. رئيس الوزراء المبجل "صدق اللي قال نستحق الأفضل"!
بعد أن شبعنا من إثارة الخلافات والفتن من الجويهل وكاسكو من وراءهم وتقسيم الشعب إلى أعراق وطبقات ، نتفاجأ بتبنى هذا الرأي من السلطة التنفيذية المهيمنة على مصالح الدولة لتشعل نقطة خلاف مع بعدنا الاستراتيجي الشقيقة الأقرب لنا في الخريطة والمواقف في جميع المحافل الدولية ، مع العلم أنه ليس الموقف الأول الذي تتبناه السلطة ويثير حفيظة المملكة العربية السعودية وكأنها من دول الضد ، في المقابل الدول التي "داست" على علم الكويت فتحت لها كل أبواب الضيافة وتبادل الزيارات .. وآه من ليبيا ! والأغرب من ذلك دور نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الذي لزم الصمت كعادته ولم يحرك ساكناً وهو المعني في الشؤون الخارجية .
هكذا تلقى الشيخ ثامر صفعة لم يكن يتوقعها ودرساً لن ينسى من وزير الداخلية السعودي بسبب رئيسه , وهو الشيخ الشاب الذي عرفه الناس من خلال تقريره الشهير بشأن مصروفات رئيس الوزراء فتوسمنا به خيراً ومازلنا كذلك .
فلننظر كيف تعامل وزير الداخلية السعودي مع الموقف المذكور آنفاً مع وفد رسمي بكثير من الحزم والوضوح والحنكة ، وفي المقابل نجد وزير داخليتنا يتفنن بالتضليل واللف والدوران فيقول في رده على الاستجواب أن ملف الإعلانات في حوزة النيابة وأدى ماعليه ، لنكتشف بعد ذلك انه استلم كتاب النيابة برفض استلام ملف القضية لعدم وجود اتهام لجهة معينة قبل جلسة الاستجواب وبشهادة زميله وزير العدل! إذن ما قيل في جلسة الاستجواب كذب في كذب!
ملاحظة : نما إلى علمنا ساعة كتابة هذا البوست أن وزير الداخلية ينوي تقديم استقالته (أبركها من ساعة) ..... واحترامي للحرامي ( شكر خاص لـ مدونة الدستور )