مررنا بالكثير من الأحداث التي تستحق أن نتوقف عندها وكان آخرها قانون الخصخصة وما صاحب هذا لقانون من لغط وغيرها من الأحداث .. وكذلك تنقيح الدستور لمزيد من قمع الحريات ..
ولعلنا في البداية نجد أنفسنا مجبرين على التحدث عما حدث في كتلة العمل الشعبي حول قانون الخصخصة المثير للجدل ..
أولاً نحن لا نلوم من استنكر التباين الواضح بين أعضاء الكتلة حول هذا القانون .. فالاختلاف واضح للعيان ولايجب أن نخفيه ، وطبيعي أن يثار هذا الجدل حول كتلة قلما اختلف أعضاؤها على قضية ...
كما لا نلوم الصحف الصفراء في لونها ومضمونها والتي توزع بـ"بلاش" كالصباح والحرية وأوان والشاهد وغيرها التي ما إن رأت هذا التباين في المواقف حتى بدأت حالة الردح والتطبيل لتفكيك الكتلة ظناً منهم أنهم بفعلهم هذا يضعفون الكتلة .. ولكن هيهات فالكبار ولدوا كباراً وسيموتون كبار .. ومن المروءة التسامي على الجراح
ولكن عتبنا ينصب على بعض شبابنا الوطني الذين وللأسف لبوا نداء الاصطفاف الحضري-القبلي في بعض المنتديات والمدونات والدواوين دون أن يسمعوا آراء الطرفين بل حتى لم يقرأ بعض منهم القانون نفسه ، فخرج لنا أحدهم يقول أطردوا أحمد السعدون من الكتلة فهو يمثل التجار وآخر يقول من هو مسلم البراك ليخالف أحمد السعدون .. وهلم جرا
يا إخوان احمد السعدون نائب عن الأمة ومسلم البراك كذلك نائب عن الأمة ويجب علينا احترام آراء الجميع دون تخوين خاصة وأن الطرفين مشهود لهما بنظافة اليد والابتعاد عن المصالح الشخصية
وإذا أردنا أن نتحدث عن رؤية الكتلة حول قانون الخصخصة يجب أن ندرك بعض الحقائق المغيبة أهمها :
أن الكتلة هي من ابتكرت –محلياً على الأقل- فكرة التخصيص على أساس تأسيس شركات مساهمة عامة يكون للشركة الفائزة بالرخصة حصة مذكورة بالقانون وللمؤسسات الحكومية -كالهيئة العامة للاستثمار ومؤسسة التأمينات الاجتماعية وهيئة شؤون القصر- حصة أخرى ويطرح للاكتتاب العام النسبة الأكبر ، وبذلك تعم الفائدة فيكون للمال العام نصيبه الآني من بيع الرخصة للشركة الفائزة بالإضافة إلى ديمومة الاستفادة للمال العام من خلال ملكية حصة المؤسسات الحكومية في هذا المشروع ، وكذلك الربح المباشر للشعب من خلال الاكتتاب العام كنوع من توزيع الثروة ، بالإضافة إلى الفائدة الأكبر من خلال إدارة القطاع الخاص لهذه المشاريع للرقي بالخدمات والقضاء على البيروقراطية وغيرها من الأمراض المستفحلة في القطاع العام كالواسطة والترهل الوظيفي ، فكان للكتلة ما أرادت كقانون تأسيس شركة الاتصالات الثالثة وبنك جابر الذي أصبح فيما بعد بنك وربة وغيره ، كما تعمل الكتلة الآن بكل قوتها لتمرير قوانين المدن العمالية والمدن السكنية ومحطة الطاقة (الكهرباء) وتخصيص المصافي على نفس المبدأ (تأسيس شركات مساهمة عامة)
الحقيقة الثانية
أن الكتلة من خلال عضوية العم أحمد السعدون في اللجنة المالية أرغمت الشيخ أحمد الفهد في قانون خطة التنمية الشهير أن يتضمن القانون رؤية الكتلة في أن تطرح جميع المشاريع على هذا المبدأ (تأسيس شركات مساهمة عامة)
الحقيقة الثالثة
أن الحكومة باستطاعتها دستورياً خصخصة جميع القطاعات باستثناء الموارد الطبيعية دون الرجوع لمجلس الأمة مادام لا يوجد قانون ينظم الخصخصة حتى لو كان ذلك بالتخصيص المباشر كما فعلت ذلك في محطات الوقود (شركة القرين وشركة السور) .. إذن قانون على هوانا أفضل من ترك الأمور على طمام المرحوم ، خاصة وأننا بصراحة لا نثق بمثل هذه الحكومة في المستقبل
الحقيقة الأخيرة
أن الغالبية العظمى من المراقبين لا يدركون أن ذكر "عدم جواز خصخصة الموارد الطبيعية والمرافق العامة" كعدمه ..فالقانون يضع محددات وشروط عامة للخصخصة ، فمرافق الدولة العامة ومواردها الطبيعية لاتخصص ولا حتى تبرم أي عملية استثمار فيها إلا بقانون منفصل ولزمن محدد .. لأن الدستور واضح في هذه المسألة
المادة 21
الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك الدولة تقوم على حفظها وحسن استغلالها بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني
المادة 152
كل التزام باستثمار مورد من موارد الثروة الطبيعية أو مرفق من المرافق العامة لا يكون إلا بقانون ولزمن محدود، وتكفل الإجراءات التمهيدية تيسير أعمال البحث والكشف وتحقيق العلانية والمنافسة
ولكن هذا لا يمنع من زيادة الحرص وذكر هذه الجزئية كنوع من الاحتراز
إذن القانون لا ينطبق على الموارد الطبيعية أو المرافق العامة كما هو موضح بالدستور وفي المذكرة الإيضاحية للقانون في إشارته للدستور ، وبالتالي لا ينطبق على المدارس والمستشفيات والبريد والهواتف والمطارات والموانئ والنقل واستكشاف واستخراج النفط وغيرها .. وإنما ينطبق على القطاعات الخدمية والفرعية الأخرى .. وربما الخطأ في القانون يكمن في ذكر التعليم والصحة فقط دون الإشارة نصاً إلى استخراج واستكشاف النفط مع أن نص المادة الدستورية واضح بشأن الموارد الطبيعية والمرافق العامة ولكن إما ان يذكر المورد الطبيعي الأهم (النفط) أو عدم ذكر أي جهة ، ويبدو أن هذه النقطة ستكون ضمن التعديلات المقدمة
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بعد أن عرضنا لحضراتكم بعض الحقائق المغيبة وخاصة الحقيقة الثالثة والحقيقة الرابعة ومع احترامنا لجميع المعارضين ..
هل من الصالح العام ان يصوت المجلس على اسقاط القانون وترك الحكومة تسرح وتمرح بتخصيص المشاريع (غير الموارد الطبيعية والمرافق العامة) على كيفها وبالطرق السابقة كمحطات الوقود التي تم تخصيصها مباشرة دون تأسيس شركات عامة يستفيد منها الجميع ودون تحديد لنسب العمالة الوطنية ودون ضمانات للعمالة الحالية ودون رقابة حقيقية؟
إذا كانت الإجابة بنعم فهنبئاً لكم بهذه الحكومة
أما موضوع تعديل الدستور فقد يقول قائل كيف لا تقبلون بالتشكيك بأحمد السعدون في تصويته على قانون الخصخصة وأنتم أول المشككين بنوايا هذا المعتوه الذي يريد تنقيح الدستور؟
ونقول هنا ان الحقائق المذكورة آنفاً تفند جميع الاتهامات والمخاوف تجاه موقف العم أحمد السعدون ، أما صاحبنا المعتوه هذا الذي بدأ نطقه بكفر .. فهدفه واضح وجلي للجميع فكان اول اقتراحاته تصويت الحكومة في طرح الثقة ، وحينما وجد معارضة شديدة لاقتراحة السيء ركز على "قصقصة جنحان" الأدوات الدستورية للسلطة التشريعية .. وتوجه لمزيد من الضمانات للسلطة التنفيذية ، فمن يقرأ المذكرة التفسيرية للدستور يعرف أن تعديلاته الوقحة تصب في مخالفة صريحة لروح الدستور الذي يسمح في تعديل الدستور لمزيد من الحريات والضمانات للسلطة التشريعية وليس العكس
الحمد لله أن المعتوه لم يجد أحد يؤيده فيما ذهب إليه سوى غانم الميع وربما جاسم الخرا في .. حتى علي العمير الذي مدحه في البداية صرح فيما بعد أنه والتجمع السلفي ضد أي تعديل يقلص حرية تقديم الاستجواب ..
ما نقول إلا الله يعينك على نفسك وكل تخبط وأنت بخير